Monday, January 9, 2017

السجائر الالكترونية ... هل هي الحل؟ بقلم الدكتور عمار سليم الخوالده

السجائر الالكترونية ... هل هي الحل؟

بقلم الدكتور عمار سليم الخوالده
Ammar Alkhawaldeh

ملاحظة: لا انتمي للقطاع الطبي (بل مهندس كيماوي) ومحتويات هذه المقالة هي إجتهادي في ترجمة واقتباس وتحليل اجزاء من مقالات علمية مختلفة لكنها ليست دراسة علمية بحد ذاتها ... لذا فان هذه المقالة لا تحمل أية قيمة طبية يمكن الاستناد إليها ولك أن تقرأها من باب "التدخين الفكري" البحت

لا شك أن التدخين هو من أهم أسباب الأمراض التي يمكن اتقاؤها بالبعد عنه إبتداء أو الانقطاع عنه لمن ابتلي به ... ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال حصد التدخين أكثر من عشرين مليون روحا منذ عام 1964 منهم مليونين ونصف بسبب أمراض القلب وسرطان الرئة الناتجين عن التدخين السلبي ... وبشكل عام فإن حصة التدخين السنوية من موتى الولايات المتحدة تقارب ال 20%

ظاهريا، جاء اختراع السجائر الالكترنونية عام 2003 على يد الصيني هن ليك (Hon Lik) طوق نجاة من التدخين التقليدي وما يسببه من كوارث صحية على الأبدان حتى غدا أستخدامها بين الشباب والمراهقين أكثر شيوعا من كل منتجات التبغ الأخرى ... ففي عام 2015 بلغ عدد مستخدميها من طلاب المدارس في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة ملايين طالب مما حدا ب "مؤسسة" الدواء والغذاء الأمريكية" لاستصدار تعليمات في عام 2016 تقضي بمنع بيع هذه المنتجات لمن هم دون الثامنة عشرة من العمر على اعتبار أنها منتجات تبغية ... لكن هنالك تساؤلات مشروعة عن مدى خلو "التدخين الالكتروني" من الاضرار الصحية أو مسبباتها وهذا ما حدا ببعض الباحثين لاستقصاء ما يمكن أن تحمله تلك "التكنولوجيا" من مثالب قد تكون ذات اذى خفي لم يستبن بعد

الى اليوم ليس هنالك معلومات أو نتائج بحثية قطعية "الثبوت والدلالة" تبرئ التدخين الالكتروني أو تدينه لكن هنالك دراسات يمكن عرض نتائجها مع بعض التحليل لما يمكن أن ترمي إليه ثم أترك للقارئ أن يستنتج ما تمليه عليه معرفته و عقلة ...

دعونا أولا نذكر أنفسنا بطريقة عمل السجائر الالكترونية فهي تتكون من بطارية (أو مصدر شحن كهربائي)، و "خزان" للسوائل، ومرذاذ يحتوي على لفائف (سلك) تسخين، ومصدر ضوئي يحاكي الاحتراق مظهرا مجهز بمجس يتحسس وقت الاستنشاق ليضيء ... تتسبب الحرارة الناتجه عن مرور التيار الكهربائي في لفائف التسخين في تبخير السائل وتحويله الى رذاذ يتم استنشاقه مع كل "شفطة"

يتكون سائل التدخين الالكتروني من ثلاثة "مواد" رئيسة: النيكوتين، النكهات، والسائل الناقل المخلوط بالماء وهو الذي يذيب النيكوتين والنكهات ويمكن من نقلها إلى المدخن بعد أن يتم تبخيره ... يحتوي الأخير (السائل الناقل) على مواد كيماوية مختلفة تشمل البروبلين جلايكول و الجلسرول كمواد رئيسة ... هنالك مواد أخرى في السائل الأصلي أو من منتجات عملية التبخير مثل مواد النايتروسامين والتي تصنف في غالبها على أنها مواد مسرطنة ... طبعا لا بد من الالتفات إلى مقدار الجرعات عند الحديث عن مخاطر كهذه إذ لا يمكن تعميم المخاطر دون ربطها بالجرعة واستجابة الجسم ل "سميتها" وهذا أمر في غاية الأهمية وينبغي أن نتذكره في قراءتنا لكامل سطور هذه المقالة

في دراسات حديثة مختلفة* تبين أن البروبلين جلايكول والجلسرول "يتفككان" كيماويا نتيجة تعرضهما للحرارة أثناء التدخين لينتجا موادا كيماوية عدة منها الفورمالدهايد (وهو مصنف كمادة مسرطنة) ، الاستالدهايد (مصنف كمادة مسرطنة محتملة)، والاكرولين (مادة ملوثه تسبب تهيج التجويف الأنفي وتشكل مصاعبا للمجرى التنفسي). كما اظهرت بعض الدراسات تسرب بعض المعادن وحبيبات السيليكا من مكونات الجهاز المعدنية إلى السائل نفسه.

في إحدى الدراسات والتي قام بها باحثون من معهد الصحة وحماية المستهلك في مركز البحوث المشتركة للمفوضية الاوربية في عام 2016 تمت دراسة نسبة المواد المذكورة آنفا (فورمالدهايد، استالدهايد، و أكرولين) في خمسة سيناريوهات متعددة تبعا لقوة التيار الكهربائي المستخدم في جهاز السيجارة الالكترونية وقت التدخين. وقد تم تحليل عينات البخار المنتجة على 5, 10, 15, 20, 25 وات وربط كل من قيم التيار هذه بالحرارة المنتجة لتبخير سائل التدخين (380, 490, 625, 800, 950 درجة مئوية) في الجهاز (السيجارة الالكترونية) وقد اظهرت النتائج أن نسبة إنتاج الفورمالدهايد والاستالدهايد تزداد مع إزدياد قوة التيار والذي يتسبب بازدياد درجة حرارة التبخير على أن درجات الحرارة المنتجة على 15 و 20 وات اسفرت عن زيادة حادة في نسبة هذه الكيماويات الضارة ... في سيناريوهات ال 5, 10, 15 وات التي أشرنا إليها سابقا كانت نسب الفورمالداهيد المنتجة حسب الدراسة 484, 1436، و 6208 ميكروغرام للمتر المكعب تباعا ... فإذا علمنا أن توصيات منظمة الصحة العالمية أن لا تزيد نسبة الفورمالدهيد في الأجواء المحصورة عن 100 ميكروغرام للمتر المكعب تبين لنا أن تدخين السجائر الالكترونية على قيم التيار المشار إليها ينتج كميات فورمالدهيد تفوق تلك الموصى بها حسب المعايير المعتمده عالميا

النتائج المذكورة في الفقرة السابقة قد لا تعني الكثير إذا لم تقارن بانتاج السيجارة العادية من هذه المواد الكيماوية (فورمالدهايد وأسيتالدهايد) ... لذا فقد اعتبر معدو الدراسة أن "المدخن الالكتروني" يدخن 15 "شفطة" في كل جلسة تدخين مقارنة بسيجارة واحدة للمدخن التقليدي ... ضمن هذه المعطيات فإن السيجارة التقليدية تنتج الفورمالدهايد بنسبة تتراوح بين 2 إلى 32 مرة أكثر من السيجارة الالكترنية وحسب تركير المواد "القطرانية" في السجائر المختلفة

بقي أن نشير إلى إلى أن العامل المشترك والاساس بين السجائر الالكترونية والتقلدية هو وجود النيكوتين والذي "يغذي" الادمان على عادة التدخين تلك ... فالسيجارة التقليدية في الغالب تحتوي على ما يقارب من ال 12 ملغم من النيكوتين يتم إمتصاص ما يقارب من 1 إلى 2 ملغم منها في الجسم مع كل سيجارة. وبالرغم أنه ليس هنالك إتفاق تام على تحديد جرعة النيكوتين القاتلة للانسان لكن أي جرعة تزيد عن ال 50 ملغم هي ضارة جدا بلا شك إن لم تكن قاتلة ... وحتى نضع الأمور في سياق موحد فإن سوائل التدخين الالكتروني تحوي نسب مختلفة من النيكوتين تتراوح بين صفر و 36 ملغم لكل ملم من السائل (0, 3, 6, 12, 18, 24, 36 ملغم لكل ملم) وتشير بعض المصادر إلى أن نصف كمية النيكوتين في السائل على الاقل يمكن أن تتبخر بالتسخين أثناء التدخين لذا فمن الضروري أن يكون "المدخن الالكتروني" على دراية بمدى تجرعه لذلك المنبه الذي جعل من نفسه مطية له

طبعا إن كان ما قرأتموه قد أفسد عليكم متعة التلذذ بالسجائر بنوعيها التقليدي والالكتروني فليس لكم غير الأرجيلة (الشيشة) فهي كما اشارت بعض الدراسات (المراجع أدناه) قد تؤدي إلى الاصابة بسرطان الرئة والمريء وقد تسبب أمراض اللثة ونقصان وزن المواليد ... على أن دراسة اجريت على الأثار قصيرة المدى لتدخين الأرجيلة (لمدة 30 دقيقة) وجدت أن معدل دقات القلب لعينة الدراسة ارتفع من 80 دقة في الدقيقة قبل التدخين إلى 95 بعده وكذلك فقد ارتفع ضغط الدم من 119/74 إلى 132/83 ... أما معدل التنفس فقد إزداد من 14.3 إلى 16.7 نفس في الدقيقة ... ناهيك عن ارتفاع نسبة الكاربكسي هيموجلوبين (أول أكسيد الكربون على الهيموجلوبين) من 1.5% إلى 9.5% ... فلماذا لا تؤرجلون؟ ... افعلوا يرحمكم الله

----------------------------------
المراجع

•“Correlation of volatile carbonyl yields emitted by e-cigarettes with the temperature of the heating coil and the perceived sensorial quality of the generated vapours”, Geiss et al., nt J Hyg Environ Health. 2016 May;219(3):268-77. doi: 10.1016/j.ijheh.2016.01.004. Epub 2016 Jan 25.

•“Electronic Cigarettes: Toxicity and Addiction”, Rezk et al., Toxicol Forensic Med Open J., 2016; 1(2): e16-e18. doi: 10.17140/  TFMOJ-1-e007

•“Analysis of Electronic Cigarette Cartridges, Refill Solution, and Smoke for Nicotine and Nicotine related Impurities”, Trehy et al., Journal of Liquid  Chromatography & Related Technologies, Volume 34, 2011 - Issue 14, Pages 1442-1458

•“Metal and Silicate Particles Including Nanoparticles Are Present in Electronic Cigarette Cartomizer Fluid and Aerosol”, Williams et al., PLOS ONE, March 2013

      http://dx.doi.org/10.1371/journal.pone.0057987

•“The Acute Effects of Water-Pipe Smoking on the Cardiorespiratory System”, Hakim et al., Chest. 2011 Apr;139(4):775-81. doi: 10.1378/chest.10-1833. Epub 2010 Oct 28.

•“Effects of Water-Pipe Smoking on Lung Function “A Systematic Review and Meta-analysis”, Chest. 2011 Apr;139(4):764-74. doi: 10.1378/chest.10-0991. Epub 2010 Jul 29.

•“The Health Consequences of Smoking—50 Years of Progress: A Report of the Surgeon General, 2014”

       https://www.surgeongeneral.gov/library/reports/50-years-of-progress/

•“Electronic Cigarettes (e-Cigarettes)”, National Institute on Drug Abuse,

      
https://www.drugabuse.gov/publications/drugfacts/electronic-cigarettes-e-cigarettes
شاهد المزيد
التعليقات

No comments :

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.

Ammar Alkhawaldeh