Monday, August 10, 2020

بين إسراف الزير وحكمة الحارث د. عمار سليم الخوالده

بين إسراف الزير وحكمة الحارث

د. عمار سليم الخوالده

عندما قتل جساس بن مرة البكري وائلَ بن ربيعة التغلبي (كليبا) بناقة البسوس، انقطع المهلهل عدي أخوه عن اللهو والخمر، و كان يلقب بزير النساء، وأشعل في طلب ثأر أخيه حربا دامت أربعين سنة كانت وبالا على العرب وجُندلت فيها رؤوس كثيرة ويُتِّم أطفال وأثكلت نساء

لقد أيقن المهلهل أن أول ما ينبغي فعله إن أراد الثأر من بكر هو أن يقلع عن الشراب واللهو إلاأنه أوغل في دماء بكر ووصل مرحلة من الصلف والفجور أن قتل بجيرا بن الحارث بن عباد البكري وقد أرسله أبوه الذي اعتزل القتال حكمة لا جبنا وكان من سادات العرب، أرسله بكتاب الى الزير قال فيه "إنك قد أسرفت في القتل وأدركت ثارك سوى ما قتلت من بكر وقد أرسلت ابني إليك فإما قتلته بأخيك وأصلحت بين الحيين وإما أطلقته وأصلحت ذات البين فقد مضى من الحيين في هذه الحروب من كان بقاؤه خيرا لنا ولكم." فلما وقف الزير على كتابه أخذته العزة بالإثم فقتل بجيرا وصاح "بل بشسع نعل كليب.

هذا الصلف الذي وصل إليه الزير استفز الحارث بن عباد البكري وقد اعتزل القتال من قبل فصاح أن "قربا مربط النعامة مني" وأذل المهلهلَ يوم تحلاق اللمم فجز ناصيته وأطلقه يهيم في البرية.

لقد بات جليا أن من يديرون المشهد في الدولة هذه الأيام يتعاملون مع المعلمين والوطن بعقلية الزير الثأرية وصلفه المتغطرس غير أن الزير استبد وظلم طلبا لثأر أخيه أما من يصدرون قرارات الاعتداء على المعلمين وتقييد أيديهم والزج بهم في سيارات الاعتقال ووراء القضبان فإنما يفعلون ذلك إثما وبغيا وعدوانا، إذ لم يكسر المعلمون قلما ولم يخرجوا إلا مسالمين مطالبين بحقوقهم بحضارية لا تستفز إلا الزير وتلاميذه من مختلف العصور، على أن الزير كان فارسا مغوارا أما تلامذته في الثأر فلا يتبدى بأسهم إلا في قلاع محصنة أو "من وراء جدر".

أما الوجه الآخر للزير وكان شاعرا مفوها فقد تولته مجموعة من الأقلام الرخيصة تعتاش على الأعطيات وتبيع كرامتها من أجل لعاعة من الدنيا فقد امتلأت صفحات كثير من الدكاكين الإعلامية الرخيصة بما هو مقزز من الافتراء والكذب وخصوصا معزوفتهم النشاز عن أخوَنة حراك المعلمين فقد سئم الناس هذا الهراء الذي لم يعد يجاري أدوات العصر فهؤلاء باتت عوراتهم مكشوفة وسوءاتهم مفضوحة

لكن الأخطر من هذا وذاك هو انبراء بعض المنابر الإعلامية التي تتخذ من نشر الوعي المجتمعي شعارا لها لدس السم بالدسم والنيل من قناة المعلمين بإسلوب مبطن غيرأنه لا يخفى على ذي بصيرة. كما أننا رأينا بعض الأقلام المعروفة تنزلق الى درك لا يليق عندما حاولت زورا وبهتانا تصوير حراك المعلمين أنه إساءة للملكية والدستور في حين أن المعلمين كما كل المخلصين من أبناء الاردن، لم يتوانوا قط عن إظهار حبهم لوطنهم عملا وقولا ولطالما تغنوا باحترامهم للدستور ولقيادة الاردن الدستورية فأي سقطة سقطتها هذه الأقلام وأي ابتذال يمارسونه على حساب الوطن وقضايا المواطنين العادلة

كل هذا الانحدار الأخلاقي لم يكن كافيا حتى انكفأت أدوات الزيف فأعدت فلما كرتونيا يشوه صورة المعلمين أمام الأطفال وبشكل مبتذل يصعب تفسيره إلا في إطار الفجور في الخصومة والتحلل من عادات العرب التي أنزلت الناس منازلهم وإن كانوا أنداد أو خصوما. ليس هذا فحسب بل رأينا غربانا تنعق ألحانا نشازا تكدر الخاطر وتجعلنا نتساءل: أبهذه الرداءة تحاربون قضايا الوطن العادلة ومنها وقفة المعلمين صونا لكرامتهم وكرامة الاردن الذي نفتدي بالمقل والأرواح؟ 
لم يعد هنالك في هذا العصر مكان للديناصورات التي لا تجيد قراءة المشهد وتقامر بمصيرالبلد بشططها وصلفها المغلف بالغباء ... ولقد آن الأوان أن تدفن هذه المستحاثات في متاحف النسيان فالأردن يستحق منا جميعا أفضل من هذا فلا تخذلوه
شاهد المزيد
التعليقات

No comments :

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.

Ammar Alkhawaldeh