Sunday, May 19, 2019

عندما تفتح السجون أبوابها د. عمار سليم الخوالده

عندما تفتح السجون أبوابها

د. عمار سليم الخوالده

سبعة و عشرون عاما و نيف، تلك التي قضاها نلسون منديلا في سجون القهر والظلم ... سبعة و عشرون عاما من البطولة المدججة بالأفعال، لا بنضال الفنادق و ساحات اللهو واللعب  ... سبعة و عشرون عاما توجت باعتلائه سدة الرئاسة في بلده الذي احب، و ارضه التي أفنى زهرة شبابه من أجلها... أجل، هذا هو حب الأوطان و هذه هي ضريبة المواطنة الحقة ... فالتاريخ يسطر بأحرف من نور سيرة من نافحوا عن أوطانهم وبذلوا من أجلها ... أما من تاجر وخان "فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ".

ديدن الاحرار في هذه الارض ان يقارعوا الظلم و يتعرضوا للأذى، فمن جاهر بالحق استفز الباطل و من تمسك بالصدق اغضب المبطلين. ألم يلق بيوسف عليه السلام في غياهب السجن بضع سنين بكيد امرأة ارادت اشباع نزواتها فلما استعصم أشهرت سيف الشرف المصطنع لتطعن به عفة يوسف ... ولكن هيهات فصاحب "رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه" لم ينته إلا عزيزا لمصر لما "حصحص الحق" ... والحق أبلج... والحق لا محالة ظاهر مهما تمادى المبلسون

اجل أيها الاحرار المنافحون عن اوطانكم في كل أصقاع الارض ... تفتح ابواب السجون لكم، فتخرجون منها أبطالا اباة و يبقى سجانوكم حبيسي عقليتهم النتنة و افقهم المزدرى ... عندما أراد ابن هبيرة والي العراق آنذاك ان يضفي شرعية على ظلمه و مصداقية على فساده بتولية ابي حنيفة مفاتيح القضاء، انتفض ابو حنيفة رضي الله عنه و رفض، فارسل ابن هبيرة مهددا فقال ابو حنيفة بهدوء الواثق "يا هذا، قل لمولاك لو طلب مني ان اعد له ابواب مسجد الكوفة ما فعلت" فاستشاط الدكتاتور غضبا و ألقى بابي حنيفة في السجن فكان يجلد عشرة جلدات كل يوم ... و عندما جاءته امه الطاعنة في السن زائرة رأت اثار السياط على وجهه فهالها ما رأت و أخذها حنان الام فصاحت "يا بني، ان علما اوصلك لهذا لحري بك ان تتركه" فقال "يا أماه، والله لو اردت بعلمي الدنيا لوصلت لها، لكني اردت ان يعلم الله اني صنت العلم و لم اجعل نفسي مطية للظالمين

هكذا يكون الدفاع عن الحق ... فعندما يلقى بالأحرار أيا كانوا على هذه البسيطة في سجون الظلم، لانهم تجرأوا بالدفاع عن أوطانهم ضد حفنة الفساد والمفسدين فليس ذاك الا وسام شرف و عز على جبينهم ووصمة عار و قذى في وجوه و عيون سجانيهم.

التمترس خلف عقلية القمع وعدم الاستماع للمخالفين في الراي و النهج هو السجن بعينه والذي يقيد حرية مواطنيه و يلقي بهم في المعتقلات بدل ان يحاورهم و وينصفهم هو سجين افكاره المنحرفة و نهجه المثلوم. السجون عندما تفتح أبوابها للأحرار فهذا ليس الا دليل قوتهم و ضعف سجانهم ... و السجون عندما تفتح أبوابها للأحرار تشرق شمس الحرية و يعلو صهيل المجد

شاهد المزيد
التعليقات

No comments :

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.

Ammar Alkhawaldeh