Monday, July 18, 2016

الانقلاب وثقافته المسمومة د. م. عمار سليم الخوالده

الانقلاب وثقافته المسمومة
د. م. عمار سليم الخوالده

Ammar Alkhawaldeh

رفض الانقلابات العسكرية ليس مرتبطا بشخص الرئيس أو نهجه الفكري أو "ايديولوجيته" بقدر ما هو مرتبط بشرعية العملية الديمقراطية التي أتت به إلى منصبه، ليبراليا كان أو يساريا أو إسلاميا أو غيره ... عندما يقول الشعب، أي شعب، كلمته عبر صنادق الاقتراع فلا سبيل إلى تغيير ذلك إلا بطرق دستورية مشروعة ... ما يبعث على الاسى والحزن هي تلك الأصوات النشاز التي تتستر زيفا تحت اقنعة التقدمية والليبرالية حتى إذا اشتمت رائحة أحذية العسكر هرعت اليهم للعقها وقد خرج لابسوها للتو من مراحيض حقدهم على كل ما هو حر وعدائهم لكل ما هو إنساني

رأينا ذلك قبل ليال في إنقلاب تركيا الفاشل ورأيناه من قبل في إنقلاب مصر المشين ... رأينا تلك الاقلام المأفونة تسلق من اتت بهم صناديق الأقتراع إلى الحكم بألسنة حداد ورأينا قرائحهم تنضح بما تعافه النفوس ... هنالك فرق بين من يوجه سهام النقد تحليلا أو حتى إنحيازا لفكره وايديولوجيته وبين من يحمل الحقد والضغينة لخصومه الفكريين ولا يتورع عن الأنحطاط إلى درجة تأييد الظلم والقتل والانقلاب على الشرعية ... حرية الفكر و التعبير تقتضي أن تتسع صدورنا للاول وان نتحاور واياه بانسانية وادب وان كانت هوة الخلاف عميقة أما من يتلذذون بممارسة الأرهاب الفكري فلا خيار إلا أن نربأ بانفسنا عنهم

إنه لامر يبعث على الحزن والسخرية معا عندما يفغر أحد اقطاب العنصرية البغيضة في الاردن ممن آلى على نفسه أن يتجرد من انسانيته فيكون بوقا لجزار الشام الذي أهلك الحرث والنسل وجعل سوريا العروبة مسرحا لحركات الأرهاب تطبيقا لشعارهم المشؤوم "الأسد أو نحرق البلد" ... يفغر فاه فرحا بقدوم العسكر متشفيا بخصومه الفكريين ولو على حساب كرامته وانسانيته ... وانه لنذير شؤم أن يتجلى ذلك في نموذج آخر من إنتاج مؤسسة الفساد والقصور المبنية باموال السحت فيقيح قلمها أذى تشفيا بسقوط رئيس منتخب وقدوم الانقلابيين العسكر

أي سفه هذا واية صفاقة تلك التي تعمي صاحبها عن معنى أن يكون الحاكم منتخبا بارادة حرة حتى إذا ما تطاولت عليه يد الباطل هرعوا إلى الميادين والشوارع منبطحين أمام الدبابات حتى لا تمر إلا على جثثهم حماية لديمقراطيتهم وشرعيتها الانتخابية وذودا عن مؤسساتهم الشرعية لا عن شخص الرئيس ...

الانقلاب مرفوض مرفوضة ثقافته كائنا من كان الرئيس المنتخب وان كان ألد خصومنا الفكريين ... علينا أن نرضخ لارادة الشعوب فها هي الأمم الحية تنتخب رؤساءها بنسبة تراوح حول ال51% لكننا لم نر قط جيوش تلك الدول تنقلب على إرادة شعبها ولم نر البتة ال 49% تنزل للشوارع رفضا لمخرجات الصناديق بل رأينا الألوف في تركيا تبيت في الميادين والساحات دفاعا عن شرعية بنيتهم الديمقراطية جنبا إلى جنب مع مؤسسات الدولة ذات البناء المتين لدحر المؤامرات وقتل الفتنة والظلم في مهدهما

لم تكن المؤامرات يوما غريبة عن ارضنا فهي موجودة منذ الأزل ... لكن الفرق في نجاعة التصدي لها من عدمه هو نوعية الحكام و مدى كفاءتهم لادارة شؤون الدولة (بعيدا عن الدخول في النوايا) ... فالحاكم الدكتاتور أو غير المنتخب الذي يجعل نفسه محور دوران كل مؤسسات الدولة، فهو الآمر الناهي وهو الذي يحيط نفسه بالمتسلقين ضعاف النفوس ركيكي الشخصية ممن لا يجرؤون على طرح ما يخالف "رغبات" الدكتاتور ... ذاك الحاكم نراه فريسة سهلة للمؤامرات، حتى رأينا نماذج متعددة من هؤلاء شكلت أفعالهم وقراراتهم المتهورة (وان بحسن نية) كوة نفذت من خلالها "المؤامرات" فدمرت دول وحطمت جيوش واضرمت نار الفتنة بين أهل الوطن الواحد لاجيال تأتي ... أما عندما يكون الحاكم منتخبا يستند إلى شرعية إنتخابية، فانه يقوم ببناء مؤسسات الدولة لتكون رديفا للارادة الشعبية للتصدي للمؤامرات. فتكون فرصها (أي المؤامرات) بالنجاح أقل بكثير، فتتحطم على صخرة المؤسسية المستندة إلى الارادة الشعبية

ثمة من أزعجه التعاطف الهائل للعرب شعوبها مع الرئيس التركي ورأى في وضع صوره على وسائل التواصل الأجتماعي أتناء المحنة التي مرت بها تركيا خذلانا للدولة القطرية العربية، متناسين أن العرب تواقون للحرية ونظافة اليد في إدارة دولهم سعيا إلى نهضة أقتصادية إنتاجية بعيدا عن فقاعة إقتصاديات الخدمات، وقد حرمهم الحكم الجبري منها، ورأوا بام أعينهم نجاح النموذج التركي (ولو جزئيا) في المزاوجة بين الحداثة والاصالة وارتقائه ببلاده إلى مصاف الاقتصاديات المتينة في هذا العالم وبوقت قياسي ... فبدل أن تتوجهوا باللوم للمعجبين بالنماذج الناجحة طموحا للوصول إلى مستواها كان الأجدر أن تتوجهوا بالنقد لمن حرمنا من أن نكون أمة حرة تشارك في الحكم وصناعة القرارات بدل أن تكون رهن إشارة أنصاف الآلهة الذين لا يأتيهم الباطل من بن أيديهم ولا من خلفهم ... وكان حريا بكم أن توجهوا سهام نقدكم لمن زرعوا في عقول العرب الباطنة رمزية صورة القائد الملهم حتى أنهم كانوا يخرجون الأطفال من مدارسهم ليصطفوا على الطرقات تحت هجير الشمس أو زمهرير الشتاء ليلوحوا للقائد الاله عند مروره الأحتفالي
شاهد المزيد
التعليقات

No comments :

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.

Ammar Alkhawaldeh