Thursday, December 22, 2016

هل لدينا استراتجية لمكافحة التطرف و الارهاب؟ بقلم الدكتورعمار سليم الخوالده

هل لدينا استراتجية لمكافحة التطرف و الارهاب؟

 بقلم الدكتورعمار سليم الخوالده

Ammar Alkhawaldeh

لا أظن ذلك ... فليس للدولة إستراتجية سوى تلك التي تسهم وان بغير قصد في تغذية التطرف وتذكي من ناره ... الدولة تحكم بعقلية أمنية تعود جذورها إلى سبعينات القرن المنصرم وتدعمها بسياسة إعلامية متهالكة تؤذي من في القبور رغم وسامة ناطقيها الإعلاميين واناقة تسريحات رؤوسهم ...فعندما تكون مخرجات السجون أكثر تطرفا وحقدا من مدخلاتها فذاك لعمري دليل بيِّن على أن السلوك الأمني القائم على العقاب وحده لا يولد إلا وحوشا همها الثأر والانتقام، فالقتلة الذين روعوا الكرك واهلها كانوا نزلاء السجون فكيف يطلق سراحهم دون أن يؤهلوا ببرامج حوارية يقوم عليها أهل الاعتدال من ذوي العلم وباشراف أمني فيحاجوهم ليعودوا إلى جادة الحق والصواب بدل أن يطلق سراحهم ليتحولوا إلى سفاكي دماء؟ لقد رأينا ذلك الخطأ من قبل في مواضع عدة وليس "الزرقاوي" عنا ببعيد

ثم إن على الدولة وفي إطار مكافحتها "للفكر التكفيري" أن تتوقف أولا عن "تكفير" المعارضين السياسيين" وقذفهم بتهمة "الاجندات الخارجية" الممجوجة وان تستفيد من خبرات الأردنيين جميعا معارضيهم ومؤيديهم في مواجهة الغلو والتطرف لا أن تمارس التطرف السياسي بيد وتحارب التطرف الارهابي بيد اخرى ... وعلى الدولة كذلك أن "تجفف" منابع و أدوات تجنيد المتطرفين وعلى رأسها رفع الحماية عن كبار المفسدين الذين نهبوا ثروات البلد ف "تدليل" الفاسدين وحمايتهم هو قطعا سلاح يستخدمه ذوو الفكر المنحرف لاصطياد التائهين من الشباب الحائر فيتحولون إلى وحوش تستمرء القتل وسفك الدماء ... وانتشار المحسوبية في التعيينات و غض بصر ذوي الشأن عن الفقر والبطالة وغياب العدالة ليس إلا وقودا لضعاف النفوس للانحراف إلى سبيل الضلال والتطرف

لم يعد الأمر يحتمل المجاملة أو الخوف فدماء ابنائنا البواسل الذين سطروا بإقدامهم مثلا أعلى لنا ينبغي أن تكون نذيرا لنا لصيانة دماء اخوانهم بوضع استراتجيات وخطط محكمة للتعامل مع أحداث كهذه و توفير تدريب حقيقي يركز على مكافحة الارهابيين لا المتظاهرين فما رأيناه في أحداث الكرك من غياب إستراتيجية محكمة وتخبط في الامداد اللوجستي امر يبعث على الاسى والغيظ معا وان لم يكن مفاجئا فبعض المسؤولين ممن ينتمون إلى العصر الطباشيري لا زال مصرا على أن عملية تطهير الكرك من الارهابيين كانت ناجحة مئة بالمئة

لقد تعالت كثير من الاصوات مطالبة باقالة "المسؤولين" وانا أقول أنه ومن "باب أولى" أن نطالب بإقالة الآليات التي يصعد من خلالها غير المؤهلين إلى مواقع المسؤولية فالتفرد باتخاذ القرارات في هذا الشأن إضافة إلى المحسوبية والشللية و "المناطقية" هي من يجب أن "تقال" وتطرد، فإن فعلنا، جئنا بالاكفياء وتركنا ديناصورات الفساد الاداري تخلد إلى الراحة الأبدية

لقد جلبت الأحداث المؤلمة الأخيرة سحائب الذكريات لسلسلة من الانحرافات التي أودت بهيبة بلدنا وجعلت كثيرين من ابنائه يضيقون ذرعا بمدى الاستهتار الذي تدار به شؤوننا ولا يملك المرء وهو يصارع الحزن على شهدائنا الأبرار إلا أن يستذكر فضيحة بيع الأسلحة في السوق المحلية من قبل ضباط كبار في أجهزة أمنية توصف دائما بانها حساسة في السنوات القليلة الفائتة دون أن نعرف إن كان أي من تلك الأسلحة قد استخدم من قبل إرهابيي العملية الأخيرة في قتل ابنائنا من مرتبات الأجهزة الأمنية الاخرى

إن غياب الشفافية في تحليل الأحداث واستقاء العبر منها لضمان عدم تكرارها لهو أحد الأسباب المباشرة في تعرضنا لاربع ضربات مؤلمة وقاسية وفي وقت قصير راح ضحيتها أكثر من عشرين من فلذات أكبادنا جنود الوطن البواسل ... يخطئ المتكتمون على نتائج التحقيقات إن ظنوا أنهم يسدون للبلد معروفا بعدم التحلي بالشفافية ومحاسبة المسؤولين عن التقصير في تلك النوائب التي عصفت بنا فهيبة البلد تأتي عندما يتحلى أولو الأمر بالشجاعة والاعتراف بوجود الثغرات التي نال منا الأرهابيون من خلالها ووضع استراتيجيات ناجعة لسدها لا بتجريم العمل الصحفي ومنع النشر في تلك القضايا ومثيلاتها

لقد ارتأى الملك وبموجب تعديلات دستورية "سلقت" على استعجال أن يجرد مجلس الوزراء من صلاحياته بالتنسيب بتعيين قادة الجيش والاجهزة الامنية ... وهاقد كشفت الاحداث في الأيام القليلة الفائتة وقبلها أحداث عين الباشا والرقبان واربد الفشل الذريع في إدارة الازمات من قبل القادة الأمنيين والسياسيين الذين عينهم حتى سفكت دماء كثيرة من ابنائنا جنود هذا الوطن .... والملك هو إبن المؤسسة العسكرية التي تعد الشجاعة من أهم ميزاتها ... لذا فاني لا يخامرني شك أن الملك بشجاعته العسكرية المعهودة سيتحمل هو شخصيا المسؤولية الأدبية للفشل الذريع للقادة الأمنيين والعسكريين الذين عينهم بموجب الصلاحيات الدستورية المعدلة إذ لا أحد غيره يمكن أن يتحمل هذه المسؤولية الأدبية فلا سلطة دون مساءلة وهو صاحب السلطة المطلقة في هذا المجال بموجب التعديلات الدستورية التي صادق عليها بنفسه

شاهد المزيد
التعليقات

No comments :

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.

Ammar Alkhawaldeh