Tuesday, July 5, 2016

القيادة بين التمنن و الاستجداء د. م. عمار سليم الخوالده

القيادة بين التمنن و الاستجداء
د. م. عمار سليم الخوالده
تاريخ النشر 01-11-2012

Ammar Alkhawaldeh


اشعر بالحزن ايما شعور ... رئيس الولايات المتحدة الامريكية الذي "اذا غضب، غضبت لغضبه مئة الف من (تينيسي) لا يدرون فيما غضب"، ذاك الرئيس الذي يتربع على قمة القرار في دولة لم يشهد التاريخ مثيلا لها في التكنولوجيا و الإبداع يقف اليوم مستجديا مواطنيه ان يمنحوه صوتهم وان يثقوا به لسنين اربعة قادمة، لا غير ... للمرة الثالثة خلال اقل من شهر يقف ذاك الرئيس الذي ملات مقاتلاته الجو حتى "ضاق عنها" و ذاك "البحر يملؤه سفينا" ... يقف مناظرا منافسه و بحضارية منقطعة النظير عله يستميل مواطنيه فيعطونه فرصة اخرى ... ذاك الرئيس الذي يحج اليه قادتنا الملهمون في وطننا العربي المبتلى بحكم أنصاف الالهه ... يحجون اليه والى بيته الابيض زرافات ووحدانا، لا يعرف اليوم على وجه اليقين ان كان سيعود الى سدة الرئاسة في مطلع العام المقبل ام لا ...لكنه يدرك و بلا ريبة ان شرعيته كرئيس مستمدة من مدى قدرته على إقناع شعبه بالفعل لا القول انه سيبذل الغالي والنفيس لخدمتهم و رفعة شأنهم ... ذاك الرجل و على شساعة سلطاته و عظم قوة دولته و جيشه لا يملك توجيهات سامية ولا الهاما يتلقفه وزراؤه و مسؤولوه فينسبون كل شاردة و واردة اليه حتى في امور تعد من ابسط حقوق الانسان كإيصال المياه لبلدة نائية او إصلاح إشارة ضوئية على طريق يحصد عشرات الأرواح البريئة في السنة .. اشعر بالأسى عندما ارى ذاك الرئيس يقف مضطرا للدفاع عن سجله و إيضاح مبررات اتخاذه لقراراته من اجل ان ينتزع ثقة مواطنيه في حين تقبع شعوبنا في وطننا العربي المكلوم أسيرة قادة مشرئبي الأعناق لا ياتيهم الباطل من بين ايديهم ولا من خلفهم


اشعر بالحزن عندما اشاهد الكوميديين على شاشات التلفاز الامريكية يسطرون "النكت" و ينفثون عبارات السخرية على رئيسهم و كبار سياسييهم و عندما ارى المواطنين ينتقدون رئيسهم على الملأ و دونما إرجاف، في حين يساق فتيتنا الى السجون لانهم لم يعودوا يحتملون رؤية وطنهم ينهب و تستباح مقدراته و تلجم صحافته بقوانين بائدة تفوح منها رائحة الحقد و العداء للإرادة الحرة و الكلمة الشريفة
اشعر بالغبن عندما ارى بلاد الاغتراب تعطيني أنا الاجنبي الذي نشأ ببيت مشيد من الحجر والطين لا تزال بعض معالمه قائمة للعيان في بلدة رقيقة القسمات وادعة المحيا كبلعما لم تصلها الكهرباء الا عام ١٩٨٤ و كانت فيه أخواتي الطاهرات ينتشلن الماء بالدلو ليُروى ظمأنا و يعجن طحيننا بيدي أمي بارك الله روحها و التي كانت كما كل الأمهات الطاهرات تستيقظ قبل الشمس لتشعل التنور فتطعم أطفالها خبزا طريا ساخنا و زيتا و زعتر .. تعطيني تلك البلاد ذات اللسان الاعجمي الفرصة ذاتها التي تعطيها لأي من مواطنيها رغم اني اجنبي، في حين يشكو الكثيرون من اهلي و أحبتي في بلادي من شمالها لجنوبها ممن جبلت ذرات تراب الارض بقطرات العرق المتساقطة من جباههم الشم ... يشكون الغبن و غياب العدالة و الشفافية

...
لن و لم يغب عن بالي مدى الصدمة عندما يممت و ثلة من زملائي في مطلع التسعينات من القرن المنصرم صوب الجنوب لنجري استطلاعا عن "الديمقراطية" في الأردن تحت إشراف مركز الدراسات الاستراتيجية إياه ... كان "قدري" ان اكون ضمن فريق بلدة الطيبة التي تربض على بعد بضعة كيلومترات من المدينة الوردية ... صعقت، رغم اني "تربية و سكان" بلعما التي لم تزل محرومة وقتئذ، صعقت لمدى الإهمال و قساوة الحرمان التي كانت تعيشه الطيبة اسما وأهلا آنذاك ... تنهدت و شخصت ببصري عبر الافق فلمحت قرية صغيرة بحجمها كبيرة بعزيمة اهلها تعتلي سفح جبل يوحي بالشموخ والعزة لكنها تكاد تكون معزولة عن العالم لولا خط شحيح متعرج يزحف من بطن الوادي الى اعلى الجبل تتسلقه سيارة لا اكاد أراها ... سألت عنها فقيل لي انها الراجف ... هتفت في سريرتي ... لله در تلك الارض .. فكم زأرت بوجهها ريح الحرمان فما لانت لها قناة و لا كسر لها نصل .. أشحت ببصري بعيدا فما مرت غير ثوان حتى لمعت امام عيني صورة الاربع عائلات المكونة من عشرين فردا والتي كانت تعيش في ظروف بائسة تحت صفيح من "الزينكو" يكاد ينقض عليهم، تلك التي رأيتها في مخيم البقعة قبل يومين و كجزء من الدراسة نفسها ... خنقتني عندها العبرات و غالبتني دموعي فايقنت ان العسف و الظلم لا يفرقان بين "المنابت و الأصول" .. و انما بين "المخلصين الطاهرين" .. و .. "من أراد الوصول

"
اشعر بالغيرة على بلدي عندما ارى شعوبا اخرى لا نقل عنها ذكاء ولا توازينا إبداعا لو أتيح لنا المجال .. أراها ترفل بنعيم الحرية و ينهل اهلها من معين العدل فيما يشكوا الكثيرون من أهلنا و أحبتنا قلة ذات اليد و انحراف الميزان ... فكلما امتطت حكومة ظهر الدوار الرابع زرعت في خاصرة هذا الوطن القابض على الجمر اهله خنجر محاسيبها و بثت في أوصاله ثلة المتسلقين دون ان تتجشم عناء البحث عمن هم اهل للمسؤولية و كفؤ لها ... فكما فرِضَت على الناس تفَرِضُ عليهم ولو كانت حكوماتنا منتخبة لما تجرأت على الاستخفاف بالناس و إرادتهم و لرأيتهم يتسابقون لإقامة العدل علهم يفوزون بثقة الشعب وقت حساب الصناديق

لي و لكل اهل هذا البلد الطاهر آمال عراض و طموحات جمة، لكن اقصى ما أتمناه هو ان نصل الى اليوم الذي نقلع فيه عن ممارسة عادتنا السرية باختيار حكومات غير منتخبة لا تمثل هذا الشعب المعطاء الذي تحمل الضنك و الأذى و صبر على سنيه العجاف ليكافأ بإكرام من نهبوا مقدراته و حماية من اهلكوا الحرث و النسل، فيما يزج المخلصون من ابنائه في السجون و يهددون بمصير اسود ..

آن لنا ان ندرك ان الشرعية انما تستمد ممن حرثوا هذه الارض الطاهرة بعرقهم وتنشقوا شيحها و تطببوا بقيصومها و استضافوا أخوة الدم و العروبة وقت الملمات على قلة ذات اليد ... لا من تجار الوطنية الذين لا يرقبون فينا إلا و لا ذمة وقد شهدنا جميعا كيف باعونا بلا ضمير او تقوى ... و قديما قالت العرب "صديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَك"
شاهد المزيد
التعليقات

No comments :

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.

Ammar Alkhawaldeh