تعبير - خالد بن الوليد و أبراهام لنكولن .. و القيم المدنية المشتركة
د. م. عمار سليم الخوالده
25-08-2012 تاريخ النشر
Ammar Alkhawaldeh
يقول كولن باول " لا تدع كرامتك تقترب كثيرا من منصبك فإذا ذهب منصبك ذهبت معه كرامتك" .. لم يع الأوائل من أجدادنا هذا المفهوم النبيل فحسب بل طبقوه بطريقة تثير الإعجاب .. فهاهو خالد بن الوليد قائد الجيوش في موقعة اليرموك ينصاع بحب ورضى للارادة السياسية عندما جاءه كتاب عزله من الفاروق رضي الله عنهما ... ابن الوليد خالد القائد الذي لم يهزم قط تحول بلحظة من قائد عام للجيوش الى جندي مخلص تحت إمرة ابي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه. لقد أدرك سيف الله المسلول ان مصلحة الامة العليا و قيمها المدنية تقتضي ان يخضع العسكري للسياسي لا ان يفصل العسكري (والأمني) سياسة الدولة وفق أهوائهم أكان ذلك على الملأ ام من وراء حجاب، فالعسكري والامني يخدمان بتفان و يضحيان بشرف ثم يتركان القرار لاصحاب القرار ... قادة سياسيين منتخبين يمثلون مواطنيهم تمثيلا حقيقيا . ولعل هذا ما يفسر احد اسباب تفوق الدول المسماة عظمى كالولايات المتحدة و دول اوروبا الغربية. فالقائد الاعلى للقوات المسلحة الامريكية مثلا يقضي اكثر من عام في حملة انتخابية يستجدي فيها اصوات مواطنيه .. فما ان يمنحوه ثقتهم و يصبح رئيسا للدولة حتى يغدو صاحب القرار و تخضع له مؤسسات الدولة التنفيذية، العسكرية منها والمدنية والأمنية ضمن ضوابط و أسس. ثم ان منصب وزير الدفاع منصب مدني فعلي لا شرفي يخضع فيه قادة الجيوش لرئيسهم المدني لانهم يدركون ان واجبهم هو تنفيذ السياسات لا صنعها. والناظر يرى كذلك ان رؤساء (و اعضاء) اللجان المتخصصة في الكونجرس (وهم مدنيون) لهم صلاحية استدعاء رؤساء السي اي ايه والاف بي اي وإخضاعهم لاستجوابات تتعلق بأداء مؤسساتهم و يكون ذلك تحت القسم احيانا. وهذا ليس الا مؤشر على تجذر قيم المدنية و الديمقراطية في تلك المجتمعات حيث يخضع الامني و العسكري للسياسي لان الاخير ليس الا نتاج عملية انتخابية نزيهه و شفافة تكسبه شرعية شعبية حقيقية يعبر من خلالها عن صوت ناخبيه. اضف الى ذلك ان شفافية أنظمة الحكم في دول كهذه تسمح بمحاسبة اي مسؤول مهما علا شانه وان كان راس الدولة نفسه، فلقد راينا كيف جعل الجمهوريون من الرئيس كلنتون عبرة لمن اعتبر إبان فضيحة مونيكا لونسكي المعروفة ... ليس ذلك فحسب فعندما تكون إرادة الشعب هي النافذة نري كيف جمع مواطنو كالفورنيا إبان أزمة الكهرباء والميزانية التي رزحت تحتها ولايتهم عام ٢٠٠٣ تواقيع كافية لإزاحة حاكم ولايتهم غري ديفس عن الحكم و هذا ما كان.
د. م. عمار سليم الخوالده
25-08-2012 تاريخ النشر
Ammar Alkhawaldeh
يقول كولن باول " لا تدع كرامتك تقترب كثيرا من منصبك فإذا ذهب منصبك ذهبت معه كرامتك" .. لم يع الأوائل من أجدادنا هذا المفهوم النبيل فحسب بل طبقوه بطريقة تثير الإعجاب .. فهاهو خالد بن الوليد قائد الجيوش في موقعة اليرموك ينصاع بحب ورضى للارادة السياسية عندما جاءه كتاب عزله من الفاروق رضي الله عنهما ... ابن الوليد خالد القائد الذي لم يهزم قط تحول بلحظة من قائد عام للجيوش الى جندي مخلص تحت إمرة ابي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه. لقد أدرك سيف الله المسلول ان مصلحة الامة العليا و قيمها المدنية تقتضي ان يخضع العسكري للسياسي لا ان يفصل العسكري (والأمني) سياسة الدولة وفق أهوائهم أكان ذلك على الملأ ام من وراء حجاب، فالعسكري والامني يخدمان بتفان و يضحيان بشرف ثم يتركان القرار لاصحاب القرار ... قادة سياسيين منتخبين يمثلون مواطنيهم تمثيلا حقيقيا . ولعل هذا ما يفسر احد اسباب تفوق الدول المسماة عظمى كالولايات المتحدة و دول اوروبا الغربية. فالقائد الاعلى للقوات المسلحة الامريكية مثلا يقضي اكثر من عام في حملة انتخابية يستجدي فيها اصوات مواطنيه .. فما ان يمنحوه ثقتهم و يصبح رئيسا للدولة حتى يغدو صاحب القرار و تخضع له مؤسسات الدولة التنفيذية، العسكرية منها والمدنية والأمنية ضمن ضوابط و أسس. ثم ان منصب وزير الدفاع منصب مدني فعلي لا شرفي يخضع فيه قادة الجيوش لرئيسهم المدني لانهم يدركون ان واجبهم هو تنفيذ السياسات لا صنعها. والناظر يرى كذلك ان رؤساء (و اعضاء) اللجان المتخصصة في الكونجرس (وهم مدنيون) لهم صلاحية استدعاء رؤساء السي اي ايه والاف بي اي وإخضاعهم لاستجوابات تتعلق بأداء مؤسساتهم و يكون ذلك تحت القسم احيانا. وهذا ليس الا مؤشر على تجذر قيم المدنية و الديمقراطية في تلك المجتمعات حيث يخضع الامني و العسكري للسياسي لان الاخير ليس الا نتاج عملية انتخابية نزيهه و شفافة تكسبه شرعية شعبية حقيقية يعبر من خلالها عن صوت ناخبيه. اضف الى ذلك ان شفافية أنظمة الحكم في دول كهذه تسمح بمحاسبة اي مسؤول مهما علا شانه وان كان راس الدولة نفسه، فلقد راينا كيف جعل الجمهوريون من الرئيس كلنتون عبرة لمن اعتبر إبان فضيحة مونيكا لونسكي المعروفة ... ليس ذلك فحسب فعندما تكون إرادة الشعب هي النافذة نري كيف جمع مواطنو كالفورنيا إبان أزمة الكهرباء والميزانية التي رزحت تحتها ولايتهم عام ٢٠٠٣ تواقيع كافية لإزاحة حاكم ولايتهم غري ديفس عن الحكم و هذا ما كان.
طبعا سيقول قائل أني مفتون بهذا النموذج الغربي افتتان الضعيف بالقوي ... ولكن على رسلكم فانا لست داعية تغريب بل داعية تعريب ... ولنتذكر جميعا ان احد اسباب ازدهار حضارتنا العربية و الاسلامية فيما مضى هو قدرتها على صهر ابداعات الامم في بوتقة الثقافة العربية و الاسلامية .. الم يترجم أجدادنا كتب الاغريق واستوعبوا حضارة الرومان و ذللوا ارث فارس؟ اذاً فلا بد لنا ان اردنا لقيم الاصلاح والمدنية في وطننا العربي ان تتجذر كما تجذرت لدى الامم الاخرى ان نستوعب تجاربهم، ولا مناص لنا الا ان نصل الى المرحلة التي يدرك فيها العسكري و الامني ان غاية إخلاصهم لاوطانهم تقتضي ان ينضووا تحت راية حكم مدني منتخب لا ان يكونوا ادوات تصنع السياسات نيابة عن أباطرة القمع والجور الذين يأنفون ان يخاطبهم الناس الا بهالة من التبجيل والتفخيم ثم يدعون انهم ظل الله في الارض وورثة أنبيائه متناسين ما ورد في ادبيات المسيح عليه السلام "من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما" و ما علمناه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عندما خاطبه احدهم قائلا "يا محمد، يا سيدنا و ابن سيدنا و خيرنا و ابن خيرنا" فقال له فيما قال "أنا محمد بن عبد الله، عبد الله و رسوله، والله ما احب ان ترفعوني فوق منزلتي التي انزلني الله"
هذه اذاً هي القيم التي ينبغي ان نتحلق حولها جميعا، مدنيين و عسكريين و أمنيين، قيم الانبياء والرسل، قيم المواطنة والمساواة، قيم العدل والشفافية، قيم العفة و نظافة اليد، لا قيم المتعطشين للجبروت والجاه المحيطين انفسهم بهالة من التفخيم و التبجيل، فإذا كان رسول المحبة والسلام الذي خاطبه المولى جلت قدرته ب "و انك لعلى خلق عظيم" قد رفض ان يتعالى على الناس بالفاظ السيادة و التفخيم فعلام يسعى اليها اناس هم اقل مكانة وقدرا الا اذا كانوا كما قال المتنبي "وتعظم في عين الصغير صغارها" .... هكذا كان انبياؤنا و أجدادنا و هكذا ينبغي ان نكون فماذا حل بنا حتى صرنا في وطننا العربي الممتد من الجرح الى الجرح مطية لانصاف الالهه الملهمين؟ و حتام نبقى أمة تسير في مؤخرة الركب؟ ...... أنا على قلة علمي و تجربتي لا املك الاجابة و لكني معجب بما قاله أبراهام لنكولن "أيها العبيد انهضوا فإنكم ترونهم كبارا لأنكم ساجدون
هذه اذاً هي القيم التي ينبغي ان نتحلق حولها جميعا، مدنيين و عسكريين و أمنيين، قيم الانبياء والرسل، قيم المواطنة والمساواة، قيم العدل والشفافية، قيم العفة و نظافة اليد، لا قيم المتعطشين للجبروت والجاه المحيطين انفسهم بهالة من التفخيم و التبجيل، فإذا كان رسول المحبة والسلام الذي خاطبه المولى جلت قدرته ب "و انك لعلى خلق عظيم" قد رفض ان يتعالى على الناس بالفاظ السيادة و التفخيم فعلام يسعى اليها اناس هم اقل مكانة وقدرا الا اذا كانوا كما قال المتنبي "وتعظم في عين الصغير صغارها" .... هكذا كان انبياؤنا و أجدادنا و هكذا ينبغي ان نكون فماذا حل بنا حتى صرنا في وطننا العربي الممتد من الجرح الى الجرح مطية لانصاف الالهه الملهمين؟ و حتام نبقى أمة تسير في مؤخرة الركب؟ ...... أنا على قلة علمي و تجربتي لا املك الاجابة و لكني معجب بما قاله أبراهام لنكولن "أيها العبيد انهضوا فإنكم ترونهم كبارا لأنكم ساجدون
شاهد المزيد